تمر بنا في هذه الأيام ذكرى وفاة أستاذنا العلامة عبد الرحمن الحاج صالح رحمه الله وأجزل له المثوبة والمغفرة نظير ما لقيه على يديه طلبته من العلم والمعرفة عبر عدة أجيال في اللسانيات العامة واللسانيات العربية منذ استقلال وطننا العزيز، ومن خلال إدارته للمعهد الذي كان سببًا في إنشائه بجامعة الجزائر، معهد اللسانيات والصوتيات.ي

لقد ظل ذلك المعهد لسنوات طويلة نافذة متميزة ومؤسسة علمية بحثية متقدمة أطل من خلالها كثير من الباحثين على تخصصات متقدمة في ذلك الوقت، في مجال علم اللسان العام وعلم اللسان العربي وما يتصل به من التخصصات كالصوتيات وغيرها، ولا سيما من خلال علاقات التبادل العلمي مع عدد من الجامعات والمراكز البحثية العالمية ذات الصلة التي ساهمت في تكوين عدد كبير من الباحثين؛ ومن خلال مجلة “اللسانيات” الغراء التي كان له فضل السبق إلى إصدارها.

وقد كان معهد اللسانيات والصوتيات الذي تحول منذ سنة 1986 إلى وحدة البحث في علوم اللسان والتكنولوجيا اللغوية، هو النواة التي أسست مع مطلع سنة 1991، مركز البحث العلمي والتقني لتطوير اللغة العربية، الذي ترأسه المرحوم أستاذنا عبد الرحمن الحاج صالح إلى غاية 2006، حيث استدعي إلى رئاسة المجمع الجزائري للغة العربية، إلى أن اختاره الله سبحانه وتعالى َإلى جواره في 05 مارس 2018.

ولئن كان الأستاذ عبد الرحمن الحاج صالح قد غادر عالمنا بجسده الطاهر، فإن علمه وأفكاره لا تزال تحيا بين تلامذته وتلامذتهم الذين يتوزعون عبر الكثير من المؤسسات الجامعية في وطننا، بل حتى في كثير من الأوطان لا سيما العربية، وخصوصًا في هذا المركز الذي لا تملك أسرته العلمية والبحثية إلّا أن تظل وفية لمشروعه العلمي المتميز، متسلحة بما بثه بينها من الأفكار والمعارف والهمّة العلمية العالية التي ظل المرحوم متسمًا بها غير مبدّل ولا مغيّر إلى أن لقي المولى عز وجل.

فبهذه المناسبة نجدد رجاءنا من المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يجزل له – عنا – كريم العطاء؛ عطاء الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا؛ وأن يلهم عائلته الكريمة ويلهمنا نحن سائر طلبته جميل الصبر والسلوان.